اضطهدني مديري عدة أعوام بسبب خطأ ساذج.. كيف يتم الضغط على المرأة من خلال عاطفتها في أماكن العمل؟

0

لقد طلب مني طوال شبابي أن أهدأ. وأن أخفض من صوتي. وأن أتوقف عن السماح لعواطفي بالسيطرة على أفعالي.

بعد فترة وجيزة من تخرجي في الجامعة، كنت أدخر المال للقيام برحلة إلى الخارج، ومررت بتجربة سيئة مع الأسف، وهي العمل في مركز لخدمة العملاء. لقد كان عملاً يتسم بالكثير من الضغوط وتعرضت خلاله للكثير من الإجهاد، فقد كان الأجر ضئيلاً على نحو مفزع، وما زاد الأمر سوءاً أنه لم يحظ سوى بالقليل من الدعم من قبل الفريق الإداري الذي هيمن على أغلبيته مجموعة من الرجال غير المبالين.

أبرزت بعض التناقضات الإدارية في اجتماع مع الرئيس التنفيذي. فقد أدت تلك الأخطاء إلى شعور جميع النساء العاملات في مركز خدمة العملاء بالضيق، إذ كانوا يتلقون ما بين 50 و100 مكالمة في اليوم الواحد. لم أكن أعلم أن السبب في هذه الأخطاء هو رئيسي، دعونا ندعوه ستيفن، وقمت عن غير قصد بتضخيم الإخفاقات التي قام بها ستيفن أمام المدير الكبير. لقد فعلت ذلك بسبب قلة الخبرة، فكيف كان رد فعله على ذلك؟ لقد تعرضت للمضايقات اليومية، والإهانات. وتجاهلني عندما أتحدث إليه. لقد كانت تصرفاته طفولية وغير مهنية، والآن بعد مرور 20 عاماً، آمل أنه قد تم تحذيره أو تنحيته بسبب سلوكه المتسلط.

في ذلك الوقت، اتبعت إجراءات الشركة وتواصلت مع المسؤول في قسم الموارد البشرية. وعندما وثقت جميع الحوادث التي حدثت مع ستيفن منذ ذلك الاجتماع المشؤوم، تجاهل مدير الموارد البشرية كل ذلك، وقال لي: «إنها فقط طبيعة ستيفن». فأجبته بغضب وقلت له: «إن من طبيعتي أن أسبّ، إذا ما دعوت أحد العملاء بأنه وغد لعين، فهل يمكنني استخدام نفس هذا العذر؟».

فطلب مني أن أهدأ، والتزم الصمت، وأن أتوقف عن الانفعال العاطفي بشكل مفرط.

انتقلت في نهاية المطاف إلى العمل في قسم الموارد البشرية، ربما كنت مدفوعة بالرغبة في تحسين أماكن العمل، ولكي أُمثل الأشخاص المحترمين الفضلاء. وربما أراد جزء مني أيضاً أن يحطم زعم المؤسسات القائل إن المرأة العاطفية هي الحلقة الأضعف.

لقد كان الأمر مثالياً. وواجهت مقاومة مستمرة وسرعان ما أدركت أن التغيير الثقافي كان في بعض الأحيان مثل دفع حبات البازلاء إلى قمة جبل إيفرست باستخدام ماصة. تقبلت الدور الذي قمت به بوصفي المحرك والدافع لهذا التغيير، لكن المواجهة ليست أبداً دوراً محبوباً، لا سيما عندما تأتي من امرأة مشاغبة. وبدافع من الظلم والعاطفة، سرعان ما اكتشفت الفوارق بين الأجناس عند طرح حججي.

بالنسبة للرجال، إظهار الغضب مقبول ومبرر. أما بالنسبة للنساء فإن إظهار الغضب يجعلنا متهورين.

وبالنسبة للرجال، فإن القتال من أجل قضية دليل على الشغف والالتزام. أما بالنسبة للنساء فيعتبر علامة على الشعور بالمرارة والاستياء.

وبالنسبة للرجال، يُعد البكاء طفرة، وعلامة على الحساسية والحنان. أما بالنسبة للنساء فيعني البكاء أنها تعاني من توتر ما قبل الحيض.

واجهت الوصم والصور النمطية بإصرار. وقلت وفعلت أشياء كان من شأنها تغيير الوضع الراهن آنذاك وتمكنت من خلال العمل الدامي الدؤوب أن أكتسب الاحترام، لكن خلال القيام بكل ذلك، خلقت سمعة لنفسي. وهي «لا تعبث مع تلك المرأة، إنها مجنونة».

دفعني ذلك إلى التساؤل، هل غالباً ما يُوصف الرجال بالجنون بسبب إصرارهم، وسعيهم الجاد لفعل شيء ما يؤمنون به؟ لقد قيل لنا إن الإصرار قوة. إلا إذا كنت امرأة، فسيصبح الإصرار لعنة مُصاب بها شخص مضطرب عقلياً.

لقد تحديت النظم الإدارية في عالم الشركات بسبب السلوكيات القديمة، وفي الآونة الأخيرة، وجهت النقد إلى الأندية الرياضية المحلية بسبب التغاضي عن الثقافة العنيفة، الكارهة للنساء.

وعندما تلقيت الرد على رسالة كتبتها إلى المدير العام لإحدى الدوريات الرياضية، جاء فيه تعليقات مفادها أن الرسالة كانت مكتوبة بشكل جيد، لكنني بحاجة إلى «إبعاد العاطفة عن هذا الموضوع». نعم، كان ذلك رده.

نظراً إلى أن الحقائق جيدة، لكن العاطفة سيئة. إذ إن العاطفة دليل على الضعف. وتُشير إلى أنك شخص يتصرف بطريقة غير متوقعة ومن المحتمل أن تسبب مشاكل للأشخاص الآخرين. ويكشف أنك تهتم كثيراً.

وتوضح أنك مجرد امرأة. كان المعنى الضمني لهذه الرسالة «أننا سنأخذك على محمل الجد إذا كنت تستطيعين بناء الحجج الخاصة بك مثلما يفعل الرجال».

تقول فيكتوريا ل. بريسكول، من كلية ييل للإدارة، في بحثها الذي نُشر عام 2016، بعنوان «القيادة بقلوبهم؟ كيف تؤدي القوالب النمطية الجنسانية للعاطفة إلى تقييمات متحيزة للقيادات النسائية«، إن النساء غالباً ما يصنفن على أنهن أكثر عاطفية من الرجال «لأنهن أقل قدرة على التحكم في إظهار مشاعرهن علناً مقارنة بالرجال». ويتمثل التأثير السلبي لهذا التصور والحكم المرتبط به في أن «القوالب النمطية الجنسانية للعاطفة تشكل عائقاً أساسياً أمام قدرة المرأة على الحصول على الأدوار القيادية والنجاح فيها».

وأضافت بريسكول أن المفهوم القائل إن على المرء أن يتحكم في كيفية ومدى تأثير عواطفه على قراراته، «متأصل في الاعتقاد الراسخ بأن العاطفة تنتقص من التفكير العقلاني».

إذا طلبت من امرأة أن تهدأ، وأن تسكت، وأن تظهر القليل من العاطفة، وتركز على الحقائق، فأنت تطلب منها أن تتخلى عن جوهرها. الحياة ما هي سوى عاطفة. وبدون عاطفة، لا يمكننا إحداث تأثير لعمل إصلاح. ولا تُعد أسماء مثل هانا غادسبي، وملالا يوسف، وروزي باتي، وماجدة سزيبانسكى، وإما غونزاليز، وكارلي فيندلي، سوى عدد قليل من الأسماء في قائمة طويلة جداً من رائدات التغيير. هؤلاء النسوة مدفوعات بالعاطفة الشديدة والقوية، تمكنّ من إحداث تغييرات هائلة من خلال الحملات التي تقودها العاطفة النقية، التي لا تُضاهى.

أنا أوافق على أهمية التركيز على السبب وجوهر المشكلة. كما أنني مخلصة في السعي إلى إيجاد حلول تستند إلى الحقيقة، ولكن أولاً، يجب أن نتوقف ونستمع إلى العاطفة التي تُصاحب هذه الحقيقة. هذه المشاعر مثل الغضب والخوف والإحباط والشغف والأذى والحزن والاشمئزاز والفرح والحب – تُعبر أكثر مما تستطيع أن تعبر عنه الحقائق على الإطلاق حول السبب الذي يجعلنا مُتحمسين للتغيير.

هذا الموضوع مترجم عن موقع صحيفة The Sydney Morning Herald.

The post اضطهدني مديري عدة أعوام بسبب خطأ ساذج.. كيف يتم الضغط على المرأة من خلال عاطفتها في أماكن العمل؟ appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.

قد يعجبك ايضا

اترك رد