نورالدين الشضمي
تعيش مدينة تيفلت أسبوعها الثاني على وقع أزمة خانقة في تزويد الماء الصالح للشرب، ما حول حياة آلاف الأسر إلى معاناة يومية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. وتشير التقديرات إلى أن أزيد من 20 ألف منزل تأثرت بشكل مباشر من هذا الانقطاع، وسط غياب أي توضيح رسمي يُطمئن الساكنة أو يقدم تفسيرات مقنعة.
في هذا السياق، خرج أحد ممثلي الشركة المفوض لها تدبير قطاع الماء في المدينة بتصريح مقتضب لم يرقَ لمستوى الأزمة، ولا يراعي حدة الغضب والاستياء في أوساط المواطنين، الذين اعتادوا على انقطاعات مماثلة كلما ارتفعت درجات الحرارة، دون بلاغات واضحة تحترم حقهم في المعلومة.
ورغم مرور أسبوعين على الأزمة، لم يُسجل أي تدخل فعلي لرئيس جماعة تيفلت، السيد عبد الصمد عرشان، سواء من أجل التوضيح أو اتخاذ إجراءات فورية لتدارك الوضع. ويعبّر عدد من المواطنين عن استيائهم من غياب التفاعل الجدي مع مشكل حيوي، في وقت تُمنح فيه الأولوية لتنظيم مهرجانات ترفيهية، بدل معالجة مشكل يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية لساكنة المدينة.
وفي ظل هذا الوضع، تبرز أهمية مقتطف من خطاب جلالة الملك محمد السادس، الذي يضع المسؤوليات المؤسساتية في نصابها، ويذكّر المواطنين بمن تقع على عاتقه مسؤولية مثل هذه الخدمات الحيوية. وجاء في الخطاب الملكي:
“فالحكومة مسؤولة، تحت سلطة رئيسها، على ضمان تنفيذ القوانين، وعلى وضع السياسات العمومية، والمخططات القطاعية في مختلف المجالات.
كما أن الإدارة موضوعة تحت تصرفها. ومن واجبها تحسين الخدمات الإدارية، وتقريبها من المواطنين.
وكما قلت في خطاب سابق، فالحكومة ليست مسؤولة عن مستوى الخدمات، التي تقدمها المجالس المنتخبة. فوزير الطاقة ليس مسؤولا عن الإنارة في الأحياء، وربط المنازل بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي. كما أن نظافة الشوارع والأحياء ليست من مهام وزير الداخلية. وإصلاح الطريق داخل الجماعة، وتوفير وسائل النقل الحضري ليس من اختصاص وزير التجهيز والنقل.
وعلى المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم، في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية.
وعكس ما يعتقده البعض، فإن المنتخب البرلماني لا علاقة له بتدبير الشؤون المحلية للمواطنين. فهو مسؤول على اقتراح ومناقشة القوانين، والتصويت عليها، ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات العمومية.”تطوان يوم 20/08/2015
استناداً لهذا التوجيه الملكي الواضح، فإن المسؤولية في أزمة الماء التي تعيشها تيفلت تقع على عاتق المجلس الجماعي ورئيسه، الذين يفترض بهم التواصل مع الساكنة، وتقديم توضيحات دقيقة، وحلول عملية، بدل تجاهل الوضع أو التقليل من خطورته.
وفي خضم هذه الأزمة، طالبت فرق المعارضة داخل المجلس الجماعي بعقد دورة استثنائية مخصصة لمناقشة ملف انقطاع الماء، غير أن الأغلبية رفضت الطلب دون تقديم أي مبررات قانونية أو سياسية واضحة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويُفاقم الإحساس بانعدام الثقة لدى الساكنة.