مصر .. مسرحيات هزلية مصدر توجهات الدولة
«لا يمكن الاحتفاظ بالسلطة إلى الأبد إلا عبر التوفيق بين المتناقضات» (رواية 1968)
حالة التخبط السياسي أصابت مصر من دولة حرة لحظة ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وتحولت إلى دولة مستبدة لمحاولة السيطرة على وضع ظناً أن الفكر الواحد والرأي الواحد هو انضباط قوام الدولة، وليس في الاختلاف.. في محاولة تحريك الركود بالاختلاف أصبحت مصدر تهديد.
الدولة تتعامل مع القضايا القومية بطريقة غامضة بإثارة الشائعات ومحاولة الميديا التابعة للنظام والموالية التأكيد على هذا التشويش؛ حيث إن أزمة المياه بدأت تداعياتها حينما أعلنت الحكومة التخلي عن زراعة الأرز وقصب السكر.. في حين أن النيل ليس قضية قومية فقط، بل هو أمن وأمان المصريين؛ حيث كان استقرارهم من الفراعنة حول النيل كمحاولة لخلق الوطن والمجتمعات والاستقرار النفسي للمصريين.
فأين الشفافية حول أزمة سد النهضة؟ ولماذا فشلت المحادثات من بداية بناء السد حتى الآن؟
فطريقة تجاهل الدولة للأحداث السياسية والتعتيم حول الاختفاء القسري للشباب والمقابل إنشاء السجون لتحمل الأعداد الكبيرة؛ حيث بعد ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران قامت الدولة بإنشاء 5 سجون جديده بـ 1.2 مليار جنيه على الرغم من عجز الموازنة.. ولا داعي لذكر فقط ما يحدث للأهل من محاولة معرفة أين تم القبض عليهم واختفاؤهم بما يزيد عن شهر حتى يظهروا بشكل مفاجئ في إحدى المحاكم العسكرية بقضايا معتاد تداولها، وهي الانضمام للجماعات المحظورة – في حين أن الإخوان المسلمين على مدار التاريخ دائماً في حالة تفاوض وجدال واتفاق في أحيان أخرى مع الدولة – وقضايا أخرى في إهانة شخصيات الدولة وغيرها، لكن هل السخرية أصبحت لغة غير مقبولة للدولة؟ هل حل أزمة الدولة في القبض على الشباب؟
إذن عزيزي القارئ.. ممنوع الضحك
ومنطلق آخر وهو التعامل غير المفهوم مع أحد المراكز التى كانت تتعامل مع الخارجين من السجون لإعادة تأهيلهم نفسياً فقط دون أية توجه سياسي.. بسبب إصابتهم بالصدمات النفسية، وخصوصاً تعرضهم للانتهاكات والتعذيب.. فمحاولة العيش مرة أخرى في الحياة بشكل نفسي متزن أصبح معيباً..
وغير هذا التوجه السياسي للدولة للتعامل مع قضايا المثليين ومحاولة معالجة الانحراف المجتمعي (كما يظنون) بتشكيل أمني منظم للقبض عليهم من خلال التواصل الشبكي والوقوع ليس فقط فريسة للقضايا والمحاكمات، إنما للإيذاء البدني في السجون ومن المساجين.
فهل محاولة الضبط الأخلاقي مسؤولية الداخلية؟ إذاً ما دور المؤسسات المجتمعية ودور العبادة؟
بالإضافة إلى زيادة الدين الداخلي والخارجي، الداخلي هو مسؤولية الشعب.. في حين أن القرارات الاقتصادية لا يقودها إلا حكومه تعتمد في دخلها على ضرائب الشعب؛ حيث كان قد صرح وزير الماليه عمرو الجارحي بأن 70% من دخل الدولة من الضرائب والجمارك.. إذاً أين ثمار الحراك الاقتصادي الذي حدث في مصر خلال الأربعة أعوام؟ في حين أن الشعب أصبح لا يحمل كاهلاً ليحمل أعباء أخرى.
بالتالي أية مسرحيات هزلية تحدث جعلت توجهات الدولة مصدر شك.
الحال السياسي والمجتمعي أصبح بلا شك يقتل أطفالاً حديثي العهد وشباباً باتوا دون أن يشعروا بالأمان المادي أو النفسي من حيث الاستقرار.. فمحاولة إطلاق سراح آرائنا محكوم عليها بالإعدام.
«من المستحيل أن تؤسس حضارة على الخوف والكراهية والقسوة، فمثل هذه الحضارة إن وجدت لا يمكن أن تبقى» (رواية 1968).
فالحلم سيدي أصبح بشعاً حينما تعلم أنك تستيقظ على واقع أليم.. ومحاولة الهروب من الواقع ليست هي إلا محاولة بالهروب من سجن لآخر.. ولا نعلم موعد حريتنا بعد.
المقالة مصر .. مسرحيات هزلية مصدر توجهات الدولة ظهرت أولا في عربي بوست — ArabicPost.net.