البوليساريو أمام مصير يشبه حزب العمال الكردستاني

0

نورالدين الشضمي

ما جرى مع حزب العمال الكردستاني ليس مجرد خبر عابر، بل رسالة مفتوحة إلى كل الحركات الانفصالية المسلحة في العالم، وعلى رأسها جبهة البوليساريو. قرار الحزب الكردي بوقف العمل المسلح وحل تنظيمه يعبّر عن لحظة وعي تاريخية: فزمن السلاح خارج شرعية الدولة بات من الماضي، وما عاد حمل البنادق يُنتج أوطانًا، بل يُطيل أمد المعاناة.

إن التمسك بأحلام التقسيم والتفتيت تحت مبررات بالية لا يعكس إلا قصورًا عن قراءة الواقع. فالصحراء، مثلاً، ليست ورقة على طاولة تفاوض، بل جزء لا يتجزأ من هوية مغربية موثقة تاريخيًا وأكاديميًا. وحين يقف قادة في أقاصي الجغرافيا، مثل الأكراد، ليعلنوا فشل هذا المسار، فإنهم بذلك يُسقطون حجج من لا يزالون يعيشون في ظلال الخنادق، كالبوليساريو.

مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتيحي، يرى أن ما فعله حزب العمال الكردستاني كان متوقعًا ومنطقيًا في ظل تراجع فعالية الحركات المسلحة عالميًا، وفشل مشاريع الاستقلال الانفصالي عبر الاستفتاءات، كما في كاتالونيا وكردستان العراق. الواقع يؤكد أن الدولة المركزية وسيادتها الترابية لم تعد ترفًا، بل ضرورة تحكمها اعتبارات الاستقرار والتنمية والشرعية الدولية.

ومن جهته، يذهب الباحث محمد بنطلحة الدكالي إلى أبعد من ذلك، حين يشير إلى أن مصير البوليساريو قد يكون نسخة مكررة من تجربة حزب العمال الكردستاني. فالمخيمات في تندوف تغلي على وقع الفوضى والانقسام، والقيادة تعيش عزلة سياسية تتغذى على الخوف والتضليل. وما نراه اليوم ليس مجرد إخفاق تنظيمي، بل انهيار أخلاقي ومعنوي لكيان وُلد من مناورات خارجية، لا من إرادة شعبية حقيقية.

نحن لا ننطلق في هذا التحليل من موقف وطني ضيق، بل من قراءة باردة ومجردة لمعطيات الواقع، مدعومة بالتاريخ والمآلات. فالحركات التي لا تملك مشروعًا عقلانيًا ومشروعًا سياسيًا ناضجًا، سرعان ما تذوب تحت ثقل تناقضاتها، وتخسر حتى جمهورها الداخلي.

ربما آن أوان أن تدرك جبهة البوليساريو، ومن يدعمها، أن التاريخ لا يُعاند مرتين. وأن الحل لم يكن يومًا في السلاح، بل في السياسة، لا في الخنادق، بل في المؤسسات.

قد يعجبك ايضا

اترك رد