إحتفاءً باليوم الوطني للمهاجر، وتحت شعار: “دور مغاربة العالم في التنمية المحلية والجهوية”، تحتضن مدينة الفقيه بن صالح، أيام 9 و 10 و 11 غشت 2025، النسخة الثالثة من ملتقى المهاجر، بمبادرة من فعاليات مدنية ومؤسساتية، وتحت إشراف عمالة إقليم الفقيه بن صالح، وبمشاركة نخبة من الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج.
وتندرج هذه الدورة في سياق الدينامية التي يشهدها المغرب، وإنخراطه في نموذج تنموي جديد يرتكز على الجهوية المتقدمة، ويُراهن على تعبئة طاقات مغاربة العالم في دعم مسارات التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
وتكتسي هذه المبادرة بعدا خاصا على مستوى جهة بني ملال – خنيفرة، لكونها من الجهات المغربية الأكثر تصديرا للجالية، لاسيما نحو إيطاليا وإسبانيا، ما يمنحها رصيدا بشريا غنيا بالكفاءات والتجارب الناجحة.
وفي هذا السياق، أكدت إدارة ملتقى المهاجر أن تنظيم هذه التظاهرة يندرج في إطار التفاعل الإيجابي مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الداعية إلى تقوية روابط الجالية مع وطنها الأم، وتعزيز إشراكها في الأوراش التنموية الجهوية والوطنية، مشيرة إلى أن الملتقى يشكل منصة عملية لفتح النقاش، وإقتراح حلول ملموسة تهم السياسات العمومية ذات الصلة بمغاربة العالم.
وأبرزت الإدارة أن ملتقى المهاجر لا يُعنى فقط بالإحتفال والتكريم، بل هو فضاء لتقوية الروابط بين مغاربة العالم وبلدهم الأم، ولترجمة التراكمات والخبرات التي راكموها في الخارج إلى مبادرات واقعية تخدم التنمية الجهوية، خاصة في المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، مضيفة أن الرهان الحقيقي هو تحويل هذا اللقاء السنوي إلى محطة دائمة للحوار والتعاون العملي بين الجالية والمؤسسات الوطنية.
ويتضمن البرنامج العام للملتقى ندوات تفاعلية تُناقش سُبل إدماج الجالية في السياسات العمومية المحلية، وتحفيز الإستثمار، إلى جانب لحظات إعتراف وإمتنان لعدد من الكفاءات المغربية التي بصمت على مسارات مهنية وإنسانية متميزة في المهجر. ومن بين المُكرّمين هذا العام: الأستاذة سارة شفيق، المحامية المتخصصة في القانون التجاري والمعاملات الكبرى بمدينة ميلانو الإيطالية، والبطلة نبيلة حمزة، العداءة المغربية المتوجة بعدة ألقاب رياضية في إيطاليا، والإعلامي عبد الصمد ناصر، أحد أبرز الوجوه الإعلامية السابقة بقناة الجزيرة، إلى جانب الدكتور الكاتب والباحث سعيد العلام، والمهندس فهد لمهيضر، المتخصص في الذكاء الإصطناعي بألمانيا، والضابط منتصر حنان، من قوات التدخل السريع بدولة قطر، والسيدة عتيقة فنون، أول إمرأة مغربية تقود حافلة نقل عمومي بإيطاليا، ثم الفاعل الثقافي عبد الله خزراجي، أحد أبرز منسقي الفعاليات الثقافية والإجتماعية لفائدة الجالية بإيطاليا.
وفي كلمة لها، أكدت إدارة ملتقى المهاجر أن من بين أبرز محطات الملتقى هذا العام حضور عدد من المستثمرين الإيطاليين، الذين أبدوا إهتمامهم بفرص الاستثمار في إقليم الفقيه بن صالح، مشيرة إلى أن الملتقى سيوفر لهم فضاء للتواصل المباشر مع الفاعلين المحليين، وإستكشاف الإمكانيات المتاحة في قطاعات مثل الفلاحة، الصناعات الغذائية، والخدمات.
كما يشمل الملتقى باقة من الفعاليات الثقافية والفنية، من سهرات موسيقية وعروض مسرحية وفقرات فكاهية، تعكس غنى وتنوع الهوية الثقافية المغربية.
وتشهد السهرات الفنية مشاركة الفنان المغربي زكرياء الغافولي، المعروف بأعماله التي تمزج بين التراث المغربي والإبداع المعاصر، إلى جانب الثنائي الكوميدي سعيد ووديع، اللذين يحظيان بشعبية واسعة داخل المغرب وخارجه، كما تعرف هذه الفعاليات مشاركة فرق فنية محلية وجهوية، في إطار الإعتزاز بالموروث الثقافي المحلي، وإشراك الطاقات الإبداعية من الأطر والمواهب الصاعدة بالإقليم.
وتواكب هذه الفعاليات أيضاً أنشطة رياضية وترفيهية، تهدف إلى تعزيز روح الإنتماء والتقارب بين الشباب المغاربة المقيمين بالخارج ونظرائهم من أبناء المنطقة.
وفي تصريح لإدارة ملتقى المهاجر، تم التأكيد على أهمية إستحضار البعد الثقافي في هذه التظاهرة، بإعتباره ركيزة أساسية في تعزيز الإرتباط بالوطن، مشيرة إلى أن هذه البرمجة تتيح لأبناء الجالية التعرف عن قرب على التراث المغربي الغني، بكل مكوناته التاريخية والرمزية، وتعزيز إعتزازهم بهويتهم الأصلية.
ويُشار إلى أن النسخة الثانية من ملتقى المهاجر، التي نُظمت سنة 2024، عرفت نجاحا لافتا، وشهدت تنظيم ندوات فكرية وثقافية بمشاركة كفاءات من مغاربة الخارج والفاعلين المحليين، كما تم خلالها تكريم شخصيات بارزة، من بينها البشير بوخرواعة، رئيس أنظمة البيانات الإقتصادية بصندوق النقد الدولي، ومصطفى الرياح، عميد شرطة بوزارة الداخلية الإيطالية، في لحظة رمزية عززت الجسور بين الوطن وأبنائه بالخارج.