الهزيمة التي تفضح العمق… دروس قاسية من نهائي حلم ضائع

0

نورالدين الشضمي

مرة أخرى، تجد كرة القدم النسوية المغربية نفسها أمام مرآة الواقع القاسي، بعدما أخفقت لبؤات الأطلس في معانقة اللقب القاري أمام خصم تقليدي وعنيد هو منتخب نيجيريا. فبين الانهيار المفاجئ في الأداء والاحتجاجات على التحكيم، تبرز الحاجة إلى طرح أسئلة أعمق من مجرد مناقشة ركلة جزاء أو تقنية “الفار”.

الاعتراض على القرارات التحكيمية، رغم مشروعيتها في بعض الأحيان، لا ينبغي أن يتحول إلى شماعة نُعلّق عليها الخروج. فجوهر الإخفاق لا يكمن فقط في صافرة الحكم، بل في لحظة انهيار ذهني وجسدي لفريق بدا قوياً في أول اللقاء، ثم خبا بريقه تدريجياً مع بداية الشوط الثاني، وكأن شيئاً ما انكسر داخله.

من هنا، لا يمكن التغاضي عن مسؤولية الطاقم التقني، الذي تأخر كثيراً في قراءة التحولات التكتيكية للمباراة. بل إن بعض التبديلات بدت متأخرة وغير مؤثرة. وكان من اللافت أيضًا أن عناصر المنتخب عانت من تراجع لياقتها البدنية في الوقت الذي كانت فيه نيجيريا تُسرّع إيقاع المباراة بلياقة عالية وثقة كبيرة.

هذه ليست المرة الأولى التي يُهزم فيها المغرب بسبب الفارق البدني، ولن تكون الأخيرة إن لم يُعترف بأن تطوير اللاعبات بدنيًا هو نقطة مركزية لا تقبل التجاهل. المغرب، رغم استثماراته المتزايدة في كرة القدم النسوية، لم يتجاوز بعد الفجوة بين المشروع والواقع، بين ما يُخطط له على الورق وما يُقدم فوق أرضية الملعب.

نعم، المغرب بلغ النهائي للمرة الثانية، لكن لا يجب أن يُقرأ هذا الإنجاز باعتباره نهاية المسار، بل ينبغي أن يكون بداية النقد الجاد، لإعادة النظر في تكوين اللاعبات، وطريقة الإعداد للمواعيد الكبرى. فمقارنة بسيطة مع منتخبات مثل نيجيريا تُظهر أن استقرار التشكيلة، وتدرج اللاعبات في المنافسات القوية، وبناء قاعدة بدنية ونفسية متينة، كلها عناصر تصنع الفارق في الأمتار الأخيرة من كل بطولة.

كرة القدم النسوية في المغرب تمر من مرحلة حساسة: بين الوعود والطموحات، وبين الإخفاقات التي تفرض مراجعة عميقة. فلا يكفي أن نمتلك مشروعًا جميلًا، بل يجب أن نمنحه ما يكفي من الوقت، والاحتراف، والنقد، حتى يصبح منتجًا فعليًا لا إنشائيًا.

في النهاية، الهزيمة ليست عارًا، لكنها كاشفة. وكم من خسارة فجّرت ثورة تصحيحية. فهل تكون هذه واحدة منها؟

قد يعجبك ايضا

اترك رد