مستشفى تيفلت… بين صور “الاستقبال المثالي” وواقع الإهمال الصادم

0

أثارت الزيارة الأخيرة التي قام بها عامل إقليم الخميسات، السيد عبد اللطيف النحلي، إلى مستشفى القرب بمدينة تيفلت خلال الأسابيع الماضية، ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما حظي باستقبال وصفه العديد من رواد الفضاء الرقمي بـ”العجيب” و”المصطنع”. فبينما ظهرت أطقم طبية بدا وكأنها حضرت خصيصًا للزيارة، لم يغب عن المواطنين السؤال الجوهري: أين كانت هذه الأطر طيلة الأيام العادية، حين يقف المواطن التيفليتي لساعات أمام قسم مستعجلات شبه فارغ؟

مدينة تيفلت، التي يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة وفق آخر الإحصاءات، وبعد مرور أسابيع من هذه الزيارة لا تتوفر على مرفق صحي يُواكب حاجياتها اليومية، ولا يُلبي الحد الأدنى من شروط الرعاية الطبية. فالمستشفى المحلي، الذي يُفترض أن يكون ملاذًا للمرضى وفضاءً للنجدة، لا يقدم، وفق شهادات عدد من المواطنين ومتابعات إعلامية ميدانية، سوى الانتظار الطويل، ونقصًا فادحًا في الأطر الطبية، واعتمادًا شبه كلي على الممرضين المتدربين.

المقلق أكثر، هو أن المستشفى غالبًا ما يُحيل حالات صحية عادية إلى المستشفى الإقليمي بالخميسات أو حتى إلى مستشفيات الرباط، بما في ذلك حالات اختناق بسيطة لا تتطلب أكثر من تزويد بالأكسجين. وحسب ما توصلنا به من شهادات موثوقة، فإن بعض المواطنين فارقوا الحياة في سيارات الإسعاف خلال هذه الرحلات، في مشهد يلخص حجم الهشاشة والعجز الذي يعانيه هذا المرفق الصحي.

قسم المستعجلات، الذي يمثل الواجهة الحيوية لأي مستشفى، يعاني من غياب دائم للطبيب المداوم، ما يجعل من أبسط التدخلات الطبية أمرًا معقدًا، بل مستحيلاً في كثير من الأحيان، خاصة في الحالات الحرجة التي تستوجب تدخلًا فوريًا.

في الوقت الذي تعيش فيه المنظومة الصحية الوطنية على وقع دعوات للإصلاح والتأهيل، يبدو أن مستشفى تيفلت يُجسّد نموذجًا حقيقيًا لفشل التوازن بين الشعارات والواقع. والزيارات الرسمية، مهما كانت نواياها حسنة، لا يمكن أن تُغطي ضعف البنية، أو تعوّض عن غياب الإرادة الصارمة في التغيير.

السلطات الصحية، إقليميًا ومركزيًا، مطالبة اليوم بمقاربة واضحة وشجاعة لإعادة الاعتبار لهذا المرفق الحيوي، بعيدًا عن التجميل الظرفي الذي لا يقنع أحدًا. فصحة المواطن ليست مناسبة للتظاهر، بل أولوية لا تحتمل التأجيل.

قد يعجبك ايضا

اترك رد