مهرجانات التبوريدة و”الشيخات”… أولويات غريبة في إقليم يعطش

0

نورالدين الشضمي

في مشهد لا يخلو من مفارقة صادمة، تعيش جماعات محلية بإقليم الخميسات هذه الأيام حالة استنفار إداري غير مسبوق، ليس من أجل حل مشكلات الماء أو الصحة أو البطالة، بل في سباق محموم نحو إنفاق أكبر الميزانيات على تنظيم مهرجانات التبوريدة وسهرات “الشيخات”، تحت يافطة “الثقافة” التي يبدو أن لا علاقة لها بأولويات الساكنة ولا بواقع الإقليم المتأزم.

مدينة تيفلت، واحدة من أكبر جماعات الإقليم، تعيش هذه الأيام على وقع انقطاعات متكررة ومقلقة للمياه الصالحة للشرب، في ظل موجة حر خانقة تزيد من معاناة الساكنة. الغريب في الأمر أن هذه الانقطاعات تتم دون سابق إنذار، ودون أن تكلف الشركة المكلفة بتدبير القطاع عناء إصدار بلاغ توضيحي يفسر الوضع، في خرق واضح لأبسط قواعد الشفافية واحترام المواطنين.

الماء، الذي يعتبر حقاً دستورياً ومطلباً إنسانياً قبل أن يكون خدمة مدبرة، أصبح اليوم في تيفلت سلعة نادرة، تدفع بالسكان إلى الوقوف في طوابير طويلة على آبار تقليدية بحثاً عن ما يروي عطشهم وعطش أبنائهم. كل هذا يحدث بينما المسؤولون المحليون ينشغلون بتجهيز مضامير التبوريدة وحجوزات الفنانين وكراء الكراسي والخيام.

ووفق مصادر غير رسمية، فإن سبب الانقطاعات المتكررة يعود إلى أعطاب في أحد محركات سد “كنزرة”، وهي أعطاب مزمنة تتكرر كلما ارتفعت درجات الحرارة، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول جودة الصيانة والاستعداد لموسم الصيف.

المفارقة تتعمق حين نستحضر تصريح وزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، تحت قبة البرلمان، حين تحدى “أي شخص” أن يثبت أن الماء لا يصل إلى المواطنين. ولعل ساكنة تيفلت اليوم تملك الدليل القاطع على عكس ذلك، وتعيش واقعاً مؤلماً يؤكد أن الخطب الرسمية شيء، والواقع الميداني شيء آخر تماماً.

هل باتت مهرجانات الفلكلور أولى من توفير الماء؟ هل أصبحت الثقافة وسيلة للهرب من تحمل المسؤولية؟ أم أن “التنمية” في مفهوم بعض مسؤولي الإقليم اختزلت في “الشيخات” و”الخيالة” بدل الصحة والتعليم والماء؟
أسئلة مشروعة يطرحها المواطن، في انتظار صحوة ضمير قبل أن يُصبح الحق في الحياة ترفاً لا يُتاح إلا في المواسم.

قد يعجبك ايضا

اترك رد