مرّت 22 سنة على ذلك اليوم الأسود الذي زلزل قلب الدار البيضاء، في 16 ماي 2003، حين هزّت التفجيرات الإرهابية وجدان المغاربة، وتركت جرحًا عميقًا في ذاكرة الوطن لا يزال صداه حيًّا حتى اليوم. غير أن المأساة، رغم قسوتها، أظهرت الوجه المتماسك للمجتمع المغربي، وأبرزت كيف يمكن للألم أن يولّد وعيًا جماعيًا وحسًا وطنيًا أقوى.
ما أعقب تلك التفجيرات لم يكن مجرد حزن وتأثر، بل كان بداية لمرحلة جديدة، حيث أخذ المجتمع المدني زمام المبادرة، وانطلقت الجمعيات في مختلف مناطق المملكة لتخوض معركة الوعي، مواجهة التطرف بالفكر، والعنف بثقافة التعايش، والخوف بالأمل.
شباب من أقاليم مثل أزيلال وبني ملال وخريبكة، وجدوا في العمل الجمعوي فرصة لتغيير الواقع، ومن خلال ورشات، مسرحيات، وحوارات مباشرة، تمكّنوا من كسر جدار الصمت، وخلق فضاءات للنقاش والانفتاح، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة.
برامج ومشاريع مثل “لا للتطرف” و”شباب من أجل التسامح” لم تكن مجرّد شعارات، بل محاولات جادة لغرس قيم السلام والانفتاح في بيئة كانت في حاجة ماسة إليها. فاعلون مدنيون ورجال دين ومؤسسات تعاونت لإنقاذ الشباب من براثن الكراهية، وإعادتهم إلى مسار الأمل والمشاركة الإيجابية.
واليوم، وبعد أكثر من عقدين، تبدو ذكرى تفجيرات الدار البيضاء محطة للتأمل، وفرصة لتجديد العهد على أن لا مكان للعنف بيننا، وأن السلم والتعايش ليسا مجرد خيار، بل هوية راسخة في وجدان هذا الشعب.