مسؤول أممي: بريطانيا تريد ضبط ميزانيتها على ظهر الشعب اليمني الجائع

0 277

عبّر وزير التنمية الدولية البريطاني السابق مارك لوكوك، عن صدمته من قرار حكومة بوريس جونسون قطع الدعم الإنساني عن اليمن. وقال لوكوك الذي يعمل حاليا منسقا للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إن الخطوة هي محاولة “لضبط حسابات الحكومة على ظهور الشعب اليمن الجائع”، في عمل سيؤدي لوفاة آلاف اليمنيين ويضر بالتأثير البريطاني. وقال لوكوك إنه لم يحصل على فرصة لكي يناشد الحكومة تغيير موقفها.
ووصف القرار بأنه “ضرر على المدى المتوسط والبعيد، وكل ما سيتم توفيره في الخطة الكبيرة، هو مبلغ قليل من المال”. وأضاف أن القرار “بعبارات أخرى هي محاولة لضبط الميزانية على حساب الشعب اليمني الجائع وسيترك تداعيات على اليمنيين الآن وكذلك على العالم في المدى البعيد”.
وأعلنت بريطانيا أنها ستمنح اليمن هذا العام 87 مليون جنيه، أي أقل من 164 مليون جنيه قدمتها في عام 2020. وبرر جونسون القرار بأنه نابع من “الظروف الحالية الضاغطة” التي تسبب بها فيروس كورونا، وأكد أن الرأي العام سيوافق على أن الحكومة “حددت أولوياتها بطريقة صحيحة”.
وحذّر مسؤولو الأمم المتحدة من تحول النزاع في اليمن إلى مجاعة عالمية متزايدة، بعد وصف الحرب فيه بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
وتلعب بريطانيا دورا مهما في الحرب كونها تمد الأطراف المتحاربة بالسلاح، وبخاصة السعودية التي تقود الحرب مع الإمارات وعدد آخر من الدول العربية. وقالت الصحيفة إن التدخل الشرس قد يدفع عددا من النواب المحافظين في المقاعد الخلفية من البرلمان والغاضبين على قطع الدعم ويأملون باستخدام تداعيات القرار على الشعب اليمني ومناطق أخرى مثل سوريا من أجل إقناع زملائهم للدفع ضد السياسة الجديدة.
وكان قرار تخفيض الميزانية بشكل مؤقت من 0.7% إلى 0.5% من الدخل الوطني قد اتخذ في نونبر، ومن أجل أن يصبح القرار قانونا فالحكومة تحتاج لتصويت برلماني من أجل تغييره، ولم يتم تحديد موعدا بعد.
وقال لوكوك إن قطع الدعم عن اليمن بنسبة 50% سيتسبب بالأذى، متوقعا حصول تخفيضات للدعم إلى اليمن من دول أخرى. وأضاف: “لا مفر من أن هذا سيترك أثرا وخسارة كبيرة للأرواح ومراكمة البؤس في الكثير من الأماكن”.
وفي يوم السبت، كشفت وثائق مسربة عن أن وزارة الخارجية البريطانية تفكر بتخفيض برنامج الدعم إلى الصومال بنسبة 60%، وجنوب السودان بنسبة 59%، أما التخفيض المخطط له لسوريا فهو 67%، وليبيا 63%، ونيجيريا 58%.
وقال لوكوك: “لا جدال في أن بريطانيا عليها مسؤوليات في اليمن” و”هي المفاوض الرئيسي الذي يصيغ القرارات في مجلس الأمن (حامل القلم) ومزود مهم للدعم الإنساني في الماضي وعليها مسؤوليات تاريخية. ولهذا كان صادما أن تقوم بقطع كبير كهذا”. ويعلق لوكوك أن نقد مسؤول في الأمم المتحدة بريطانيا، ومن بريطاني عمل في قطاع الخدمة المدنية أمر نادر، ولكنه واحد ممن عبروا عن غضبهم من قرار الحكومة الذي وصفته المنظمات الإنسانية بـ”حكم الإعدام”، ووصفه وزير التنمية الدولية السابق أندرو ميتشل “بقرار مذهل”.
وحذر لوكوك من تأثيرات القرار السلبية على موقف بريطانيا الدولي، قائلا: “تتمتع بريطانيا بسمعة قوية كقائد بين المانحين ولاعب في التنمية الدولية. وسيترك هذا أثره الكبير على سمعتها. وسيترك أثرا واضحا على سمعتها وبخاصة أنه التزام أقرت به الأمم المتحدة. والكل سيرى أن ميزانية الدعم مستهدفة، ولا تزال الحكومة تقترض وبمعدلات عالية ولكنها استهدفت ميزانية الدعم وقطعتها”.
وقال إن قرار بريطانيا هذا سيؤثر على قدرتها في التأثير على بقية الدول الأخرى. ورغم عدم وجود أدلة بعد، فإنه قد يدفع الدول الأخرى لعمل المثل. وقال إن “النتيجة هي مزيد من خسارة الأرواح والبؤس ومزيد من عدم الاستقرار والتشرذم ومزيد من المشاكل الجوهرية في هذه المناطق الساخنة والتي نعرف من التجربة المرة أن لديها قابلية على الانتشار وخلق ديناميتها الخاصة وبعواقب دولية بما فيها دول كبريطانيا”.
وعوّلت الأمم المتحدة على جمع 3.8 مليار دولار لليمن من 100 حكومة ومانح أو يزيد في مؤتمر افتراضي يوم الإثنين الماضي، ولكنها حصلت على 1.7 مليار دولار فقط و”هذا يعني أن عددا كبيرا من الناس سيظلون في حالة من الجوع البطيء” و”سيؤدي هذا لخسارة كبيرة في الأرواح وربما تجنبا كل هذا لو كان لدينا مالية أفضل”.
وعبّر لوكوك عن خوفه من أثر قطع الأموال في الدعم لليمن على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل اللاجئين السوريين في مؤتمر للمانحين هذا الشهر، بالإضافة لأثره المباشر على جهود الأمم المتحدة لتمويل تخفيف آثار التغيرات المناخية، وهو موضوع تحاول بريطانيا أن تكون في مركز القيادة بصفتها رئيسة لمؤتمر الأمم المتحدة عن المناخ المقرر عقده في نونبر في غلاسكو، وسيقترح المؤتمر 100 مليار جنيه في العام للدول الفقيرة لتخفيف التغيرات المناخية وهو وعد لم يتم تحقيقه.
ودعا لوكوك الغرب لملاحظة أثر تخفيض الدعم: “لا يتذكر الناس هذا جيدا، لكن مناشدة الأمم المتحدة من أجل سوريا في 2014 لم تلق دعما كبيرا مقارنة مع 2012 و2013″، مشيرا إلى أن نتيجة كل هذا كانت موجة المهاجرين في 2015 “وكان هذا مثالا على الفشل في السيطرة على الوضع ومساعدة الناس الذين تأثروا مباشرة”.
وحث لوكوك كل الأطراف على الدفع باتجاه تسوية سياسية، وتوقف الحوثيين عن الهجوم على مأرب التي تعد من أقوى معاقل الحكومة في شمال اليمن. ويضيف: “هناك حوار مثير يدور بين الحركة الحوثية حول الدفع باتجاه مأرب أو القبول بصفقة جاهزة لهم. ويمكنهم الحصول على الكثير، رفع الحصار عن الموانئ والمطارات ووقف إطلاق النار واعتراف واضح بهم وأنه سيكون لهم دور واضح في حكومة تشارك للسلطة”.
ومن المتوقع أن يتقاعد لوكوك من منصبه كمنسق للشؤون الإنسانية ويعود بشكل دائم إلى بريطانيا لقضاء وقت دائم مع عائلته. ومن النادر أن شجب جهود دول بعينها في مجال الدعم، وظل يبتعد حتى الآن عن التعليق على السياسة البريطانية.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، إن الأثر المزلزل لفيروس كورونا على الاقتصاد “أجبرنا على اتخاذ القرارات الصعبة والضرورية بما في ذلك تخفيض مؤقت لمجمل ما ننفقه على الدعم. ولا نزال ندرس ما يعني هذا لكل برنامج ولم يتم اتخاذ قرارات بعد”. و”لا نزال أكبر متبرع في العالم ونخطط لإنفاق 10 مليارات دولار لمكافحة الفقر ومعالجة التغيرات المناخية وتحسين الصحة العالمية”.

ماهو رآيك في الموضوع
قد يعجبك ايضا

اترك رد