التعليم في أيادي غير آمنة

0

بقلم: سهام أكعوش  

خشيت على أهلي من جهل قادم مدقع من شأنه أن تغوص الأذهان في موضع لا يليق بالمتعلم،  فمتى كان العلم يعلى عليه كبضاعة في السوق تباع بدرهم والجهل سيد القوم يسير أحوالهم جالس على كرسي التقاضي ! يقاضي الناس في الحق والباطل والظلم نهجه به يفصل ويحكم، لا أجد لنفسي سوى أن أستشهد ببضعة أسطر للخليل الخطيب حينما قال :

مالي أرى التعليمَ أصبحَ عاجزا  *  عن أن يصحُّ من النفوسِ مكسرا؟

عُكِسَتْ نتائجُهُ فأصبحَ هديْهُ  *  غِبا وأضحى صَفْوَه متكَدرا

يهدي معلمُهُ ومن ذا يهتدي  *  بعلمٍ في الناسِ قُبحَ مَخْبَرا

ينهى ويأتي ما نهى أفتحتذي  *  بفعالِه أم بالمقالِ مزوَّرا

وإِذا المعلمُ لم تكنْ أقوالُهُ  *  طبقَ الفِعالِ فقولُه لن يثمرا

 في مسرحية عنوانها الضياع، ضحاياه تلاميذ من وسط مجتمعي لا بأس به، حيث نجد ما يقارب ثمانية ملايين تلميذ من دون تعليم، هذا يدفعنا لتساءل أيها السادة الأساتذة الأفاضلْ؛ كيف ترون هذه اللوحة الفنية؟ متى كان أستاذ التربية والتعليم ترضيه هذه المشاهد؟

 في زمن كانت المدارس الحكومية تخرج أساتذة و مفكرين كبار ساهموا في بناء هذه الدولة الجليلة،  قبل أن نجد أنفسنا أمام واقع أستاذ يمتهن مهنة التدريس بدوره لا يتقن ما يدرسه ؛ مستوى ضئيل أنتج لنا ضحايا عدة، المدرسة بالنسبة لهم فضاء لتنزه وقضاء أوقات الفراغ، وما يؤكد ذلك أنه في خضم ثلاثة أشهر الفارطة التي تكابدت فيها الوقفات الاحتجاجية أن أزيد من ثلاثة آلاف طفل تعرض للانحراف بسبب الفراغ اليومي “أيام بدون دراسة”.

فضاء لتربية والتعليم أصبح مكانا محضورا وأساتذة جعلوا من  الحدائق العمومية أمام واجهات البرلمان ملجأ لهم لاحتساء القهوة وتبادل أطراف الحديث، تحت ذريعة الإضراب.

في موائد مستديرة حيث تقام كل الاجتماعات، ممثلوا النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية في لقاءات خاصة مع الحكومة حيث توصلوا هذا الأخير إلى حل قد يفضي الخلاف وهو النقطة التي أفاضت الكأس منذ البداية لعل ذلك يجدي نفعا، لكن بالرغم من كل الجهود المبذولة لا يزال المشكل قائما والإضرابات في تزايد والتلاميذ في نهاية المطاف هم الضحايا، عنوان عريض لمسرحية أخرى  تستنجد بروح الوطنية، أما السادة الأفاضل لا شيء يرضيهم؛  فلعلهم  بحاجة إلى استراحة  إضافية نظرا لتكبدهم عناء العمل ليل نهار من أجل إنجاح المنظومة التعليمية.

قد يعجبك ايضا

اترك رد