لماذا تجاهَل شباب العائلة الملكية ترمب في زيارته للمملكة المتحدة عكس ما حدث مع أوباما؟

0

كان من الممكن أن يصبح لقاء الرئيس وقضاؤه بعض الوقت مع العائلة الملكية البريطانية، النقطة الأكثر تأثيراً في رحلته إلى المملكة المتحدة. كما أفادت التقارير على نطاق واسع في شهر أبريل/نيسان 2017، بأنه طلب أخذ جولة في إحدى عربات الملكة، المطليَّة بالذهب، إلى قصر باكنغهام في لندن. وقد أقنعه العاملون بالسفارة الأميركية وأجهزة الأمن البريطانية بالعدول عن ذلك، متوقعين نشوب مظاهرات هائلة، ربما يشارك فيها- وفقاً لتقديرات الشرطة- أكثر من 100 ألف متظاهر بشوارع لندن في أثناء يوم عمل. وبدلاً من ذلك، ذهب إلى قلعة وندسور؛ لمقابلة الملكة بأمانٍ بعيداً عن العاصمة التي أبدت له مشاعر عدائية.

ولكن، يبدو أنه كانت هناك مشكلة واحدة فقط: فلم يحضر أي من أفراد العائلة الملكية الآخرين.

وقفت الملكة وحدها على المنصة لتنتظر وصوله إلى قلعة وندسور. (ظلت تنتظر 15 دقيقة؛ بسبب الوفد المرافق للرئيس، ونظرت إلى ساعتها مرتين بشكل واضح. وهذا يعتبر تصرفاً سلبياً وعدوانياً قد يصدر من القديس الراعي لآداب السلوك البريطاني).

أصبح زوجها، الأمير فيليب، دوق إدنبره الذي يبلغ من العمر 97 عاماً، ضعيفاً على نحو متزايد، وتقاعد رسمياً من الواجبات العامة؛ ومن ثم فإن معذور بغيابه. ولكن كما ورد بالعدد الصادر في عطلة نهاية الأسبوع من صحيفة Sunday Times -وكما تداولت الشائعات على نحو واسع في وقت سابق- فقد رفض الأميران هاري ووليام مقابلة الرئيس ترمب. وكذلك، كما أفادت التقارير، رفض الأمير تشارلز مقابلته أيضاً، على الرغم من احتمال عدم رغبة ترمب في مقابلته كذلك؛ نظراً إلى الانتقادات التي وجهها تشارلز بشأن شكوك الرئيس المتعلقة بتغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

ولم تكن أي من زوجتي ابنيه حريصة على التقاط صورة وُدية مع الرئيس ترمب. وعلى الرغم من كونها مواطنة أميركية عادية، فقد وصفت زوجة الأمير هاري الجديدة، ميغان ماركل، ترمب بأنه «كاره للنساء ومثير للانقسامات». ومن المستبعد أن زوجة الأمير وليام، كيت ميدلتون، لا تدرك أن ترمب قد حث مصوري الفضائح الفوتوغرافيين على التقاط صور فاضحة لها. فقد وجدت ميغان وكيت وقتاً للابتهاج بحضور حفل سيرينا ويليامز، بويمبلدون في أثناء عطلة نهاية هذا الأسبوع، ولكن لم يكن لديهما وقت للقاء ترمب.

هل سيهتم دونالد ترمب بأنه لم يتمكن من لقاء النجوم الصاعدين في العائلة الملكية؟ ربما لسبب واحد.

في عام 2016، زار باراك أوباما أيضاً بريطانيا. وكما هو الحال مع ترمب، لم تكن الزيارة رسمية، وإلا فستلزم حضور العائلة الملكية بالكامل، وإقامة مأدبة رسمية. ومع ذلك، فقد آثر أفراد العائلة الملكية الشباب مقابلته على أي حال. وكما هو معروف، فقد التُقطت بعض الصور لأوباما في أثناء مقابلته مع الأمير جورج، في حين كان الطفل الصغير يرتدي أحدث طراز من أردية الحمّام قبل النوم.

هل سيغضب ترمب من أنه غير مرحَّب به في أحضان منزل العائلة الملكية البريطانية؟ فأي شيء حصل عليه أوباما، يريد ترمب أن يحصل عليه أيضاً.

ومع ذلك، لم يتمكن دونالد ترمب من مقابلة أحد أفراد العائلة الملكية البريطانية لتحقيق أهدافه الدبلوماسية هذا الأسبوع. لم يكن هدفه الحقيقي من تلك الزيارة موجَّهاً إلى رئيس الدولة البريطاني، ولا إلى رئيسة الحكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، الذي أثار غضبَها بامتداح عدوِّها بوريس جونسون في مقابلة صحافية أجراها مع إحدى الصحف الصفراء (على الرغم من أنه تراجع عن ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الجمعة 20 يوليو/تموز 2018). بدلاً من ذلك، تبدو رحلة الرئيس الأميركي إلى لندن بمثابة إحدى الممارسات للتواصل مع الأحزاب اليمينية البريطانية المناهضة للمهاجرين.

منذ أشهر، ردَّد الحساب الرئاسي على «تويتر» اللغة التي تتبناها حركات التعصب الأوروبية التي تؤمن بتفوُّق العِرق الأبيض. وفي شهر يناير/كانون الثاني 2018، أدانته تيريزا ماي بعد أن أعاد تغريد مقاطع فيديو مصورة من جماعة «بريطانيا أولاً» اليمينية المتطرفة. تُعتبر مقاطع الفيديو نموذجاً على توغل المتعصبين للعِرق الأبيض في أركان الإنترنت الغامضة، وتدَّعي اللقطات، التي لم يتم التحقق من صحتها، إظهار المهاجرين المسلمين وهم يهاجمون الأوروبيين البيض، ويدمرون تمثالاً للسيدة مريم العذراء. ومقطع آخر يزعم أنه حدث بأوروبا، ولكنه في الواقع قد حدث في مصر. ومقطع فيديو ثالث، يحمل عنوان «المهاجرين المسلمين يضربون صبياً هولندياً يسير على عكازين»، وقد ثبت لاحقاً أن المقطع يُظهر مهاجماً لم يكن مسلماً ولا مهاجراً.

ربما يُعد الترويج لمقاطع الفيديو العنصرية فعلاً مشيناً بما يكفي من الرئيس الأميركي، لكن اسم «بريطانيا أولاً» له صدى خاص في المملكة المتحدة. فقد كانت تلك العبارة التي نادى بها المتعصبين للعِرق الأبيض والمتطرف، الداعي إلى انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي توماس ماير، في أثناء قتله النائبة البرلمانية جو كوكس. وقد كان من المتوقع إظهار القليل من المراعاة لإحساس زملائها البرلمانيين.

وبدلاً من ذلك، قال ترمب في مقابلة مع صحيفة The Sun: «أعتقد أنها غيَّرت نسيج أوروبا، وما لم تتصرف بسرعة، فلن تبقى كما كانت عليه في السابق، ولا أعني ذلك بطريقة إيجابية».

لم يكن من المستغرب أن مبعوثِي ترمب كانوا يمارسون الضغط نيابة عن أكثر النشطاء البغيضين المناهضين للمهاجرين. فعندما هبط ترمب في بريطانيا، تبين أن السفير سام براون باك، سفير الولايات المتحدة المتجول للحرية الدينية الدولية، قد تقدَّم بشكوى للسفير البريطاني في واشنطن حول حكمٍ بالسجن صدر عن قاضٍ، على الناشط المعادي للمسلمين تومي روبنسون.

حُكم على روبنسون بالسجن بتهمة ازدراء المحكمة؛ لعرضه البث الحي لشريط فيديو قدَّم ادعاءات حول متهم مسلم واحد على الأقل، في محاكمة تتعلق بإساءة معاملة الأطفال. يدَّعي أنصار روبنسون أنه سُجن لأنه يطالب بمحاسبة المتحرشين بالأطفال المسلمين.

في الواقع، تم الحكم على روبنسون بالسجن على وجه التحديد؛ لأن سلوكه كان من الممكن أن يؤدي إلى بطلان الدعوى. كما أن الحكم الذي صدر ضده يجعل، على الأرجح، وليس العكس، الرجال المسلمين المتهمين بإساءة معاملة الأطفال، يمثلون أمام العدالة. وقد قوبل تدخُّل ممثل ترمب في مسألة قضائية بالسخط في بريطانيا.

من المقرر أن يخرج روبنسون من السجن في العام المقبل (2019). إلا أن القادة المدنيين البريطانيين يشعرون بالقلق من التأثير الذي قد تُحدثه الأموال الأميركية إذا ما أُقيمت حملة سياسية لدعمه. تحدث ستيف بانون، المعاون المقرب من ترمب، في الإذاعة البريطانية، هذا الأسبوع، عن زيارة ترمب وفي الوقت نفسه دافع عن روبنسون.

وفي أعقاب ذلك، دعت عضوة البرلمان نادين دوريس إلى تدشين حركة سياسية وطنية لدعم روبنسون، وقارنته بترمب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. تعتبر دوريس أحد الأعضاء الناشطين في المجموعة المتشددة المناهضة للاتحاد الأوروبي، مجموعة البحوث الأوروبية، داخل حزب المحافظين البريطاني، والتي اجتمعت في الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018)، مع مستشار ترمب جون بولتون؛ لوضع الخطط قبل زيارة ترمب.

قد لا يكون لدى ترمب ناخبون هناك في لندن، لكن لديه أتباع؛ إذ تُعتبر الحلقة المفرغة المشتركة من الخوف والدعاية حول استيلاء الإسلام على أوروبا، أمراً ضرورياً لتكثيف الدعم لأجندة ترمب المناهضة للهجرة في الداخل. ولا عجب في أن لغة ترمب في أثناء هذه الجولة الأوروبية قد تخللتها هجمات على القادة الأوروبيين؛ لكونهم «مُتراخين في الحرب على الإرهاب»، وأبرزهم عمدة لندن المسلم، صادق خان. فقد هاجم ترمب، «خان» في أعقاب الهجوم الذي وقع العام الماضي (2017)، في بورو ماركت؛ لأنه دعا سكان لندن بألا يسيطر عليهم الذعر، وأنه «ليس لديهم سبب ليشعروا بالقلق».

ومن الغريب أنه لم يهاجم رئيسة الوزراء البيضاء لترديدها مشاعر «خان»، عندما قالت: «ينبغي للجميع أن يستمروا في قضاء شؤون حياتهم كما يفعلون عادةً». كما أنه لم يلقِ اللوم على رئيس البلدية (الأبيض) بسبب الهجوم الإرهابي الذي وقع في مانشستر. وقد يتساءل المرء عن سبب ذلك.

ربما لا يمانع الرئيس ترمب في هذا السياق المناهض للمهاجرين، عدم تمكُّنه من قضاء المزيد من الوقت مع العائلة الملكية. هم أنفسهم، أحفاد المهاجرين الألمان. ولكن، كذلك الرئيس ترمب.

هذا الموضوع مترجم عن موقع شبكة CNN.

المقالة لماذا تجاهَل شباب العائلة الملكية ترمب في زيارته للمملكة المتحدة عكس ما حدث مع أوباما؟ ظهرت أولا في عربي بوست — ArabicPost.net.

قد يعجبك ايضا

اترك رد