لم أعد أحسن الكتابة

عذراا أستاذي فما تعلمته منك لم يجدي نفعا في زمننا هذا، عذرا أستاذي فكل الحروف التي علمتني إياها لم تعد تجدي نفعا، فلا الصرف ولا التحويل سد جوعي. عفوا أستاذي فالكلام أصبح مفهوما سواءا مع الأخطاء الإملائية أو النحوية، عذرا أستاذي فكل تلامذتك الشطار لم يعد لهم مكان بين أناس جهلوا النحو و تركوا التاريخ وراء المواقع التواصلية. عذرا أستاذي فقد تخلينا عن القيم وحتى لغتنا لم تعد تكتب كما تقرأ فلغة الضاد يا أستاذي استعر منها أهلها، ففيهم من تباهى باللاثنية و فيهم من شتت كل المفاهيم مقابل لقمة العيش المحرقة، ففي زمننا هذا يا أستاذ أصبح البلداء أسياد مواقع تنخر في مجتمعنا الصغير الذي اتسع مع اتساع الجهل وتنامي الفقر. فقد سرنا نكتب العربية باللاثنية، عفوا أستاذي فكل الأمجاد التي حكيت لنا عنها بفخر لم يعد لها ذكر ولا وجود. فحتى كتابتي هته لم يعد من يفهمها فأنا لم أعد أحسن الكتابة. فالكتابة تغيرت مع تغير العالم وأصبح من يعوي أسدا و من يزأر ثعلبا و من ينهق حصان و من يصهل حمار و حتى من ينبح سار نمرا و من يهرهر سار كلبا. عفوا أستاذي لم أتوقع أن أتكلم معك يوما هكذا فقد علمتني الأيام ما لم تعلمني أنت، و علمني الشارع ما لم أجده ببيتي. علمتني الأيام يا أستاذي أن العزيمة لم تعد تجدي نفعا للوصول إلى المراد، و أنك لكي تصل لمرادك يكفي أن تتعبد و تعوي و تنهق و تنبح. أرأيت أستاذي كم أن زمنكم غير زماننا. أتذكر يا أستاذي داك الكسول المنبود في القسم؟ لقد سار مسؤولا وتذكر يا أستاذي داك التلميذ المجتهد النجيب؟ لقد سار سكيرا متسكعا.أرأيت يا أستاذي كيف أن زماننا ليس كزمانكم، فزمانكم زمن عز و كرامة.